وقف وريف- رؤية王国健康のための持続可能な投資

المؤلف: نجيب يماني10.01.2025
وقف وريف- رؤية王国健康のための持続可能な投資
في هذا العصر الميمون، عصر النهضة والازدهار، عصر الوفرة الاقتصادية والرخاء المالي، وعصر التطور والبناء وتحسين جودة الحياة، تبرز رؤية طموحة، قادرة على توجيه دفة الحياة وإعادة تنظيم مساراتها. لقد أخذت هذه الرؤية على عاتقها مهمة تنشيط الطاقات الكامنة وتحويلها إلى قوى فاعلة، وتحريك المياه الراكدة لتتدفق حيوية ونشاطًا. كما أنها تتطلع إلى المستقبل الزاهر بعين ملؤها الأمل، فتحول الأحلام إلى واقع ملموس، وإنجازات مبهرة، وحقائق ناصعة.

لقد حظيت سنة الأوقاف باهتمام بالغ في صلب هذه الرؤية المباركة، إدراكًا للعلاقة الوثيقة بين التنمية الحضارية المنشودة وشعيرة الوقف الإسلامي. فعبر تاريخ الحضارة الإسلامية العريق، كان الوقف ولا يزال رائدًا من روادها وعمودًا فقريًا لها. فبفضله أُنشئت المستشفيات، وشُقت الطرق، وعُمرت المساجد، وشُيدت المدارس، مما جعله لبنة أساسية في صرح الحضارة الإسلامية.

وفي بادرة تقديرية، كرمت الهيئة العامة للأوقاف مؤخرًا وريف الخيرية، الذراع الخيري لمستشفى الملك فيصل ومركز الأبحاث، ضمن قائمة أكبر الصناديق الوقفية في ربوع الوطن المعطاء ومملكة الإنسانية. وقد حصدت وريف جائزة المركز الثاني لأكبر رأس مال لصندوق استثماري وقفي على مستوى المملكة، وذلك خلال ملتقى نمو للاستدامة المالية، عن صندوقها المسمى بصندوق الإنماء وريف الوقفي، وهو أول صندوق استثماري وقفي في المملكة يتم طرحه طرحًا عامًا، ليكون أداة تمويلية مستدامة تتيح للأفراد والمؤسسات فرصة الإسهام الفاعل في دعم الرعاية الصحية. يقوم الصندوق على استثمار رأس المال الوقفي وتوجيه عوائده المالية لتمويل المبادرات الصحية المتخصصة، مما يساهم في تطوير القطاع الصحي وتقديم أفضل مستويات الرعاية للمرضى.

في عام ٢٠١٨م، تشرفت، وكثير غيري من الكتاب والمراسلين، بحضور المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه عن ولادة صندوق (وريف الوقفي). وقد أكد الدكتور ماجد إبراهيم الفياض، الرئيس العام التنفيذي لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، وهو يقود خطوات التحول الوطني بكل أبعادها الوارفة لخير المستشفى وأهدافه، قائلًا: "إن الصندوق هو صندوق استثماري وقفي مفتوح ومطروح طرحًا عامًا توقف وحداته لصالح مؤسسة وريف الخيرية بالشراكة مع شركة الإنماء للاستثمار، يهدف الصندوق إلى تعزيز الدور التنموي للأوقاف الخاصة في دعم الرعاية الصحية عبر تنمية الأصول الموقوفة للصندوق واستثمارها بما يحقق مبدأ التكامل الاجتماعي ويعود بالنفع على مصارف الوقف في سعيها لتكون رائدة العمل الخيري التطوعي لتقديم الرعاية الصحية التخصصية للمرضى من خلال رفع المعاناة عنهم وتوفير الخدمات الصحية التخصصية وترسيخ العمل التطوعي والخيري". يومها حث المجتمع بكل أطيافه على المشاركة وتعزيز مدى التكافل والتضامن وتقوية النسيج المجتمعي وتلمس احتياجاته والمساهمة في تنمية ونهضة المملكة بدعم الشرائح المستحقة للمساعدة المادية والاجتماعية والصحية لتحقيق رؤية المملكة المستقبلية وبالذات في مساهمة القطاع غير الربحي. لقد كانت دعوة صادقة للمشاركة الفعالة في بناء مجتمع متراحم ومزدهر.

واليوم، وبعد مرور هذه السنوات، استطاع الوقف الخيري لوريف أن يحقق مركزًا مرموقًا في هذا الميدان الخيري، ملموسًا أثره في تحقيق رفاهية المريض وتحسين تجربته وتكريس سعادته. إنها شهادة حية على النجاح والتميز في خدمة المجتمع.

وتعتبر صناديق الاستثمار الوقفية، بلا شك، أحد الأوعية النظامية لإدارة وتنمية الأوقاف بشكل مؤسسي، وذلك لما تتسم به من إطار قانوني محكم وسياسات واضحة فيما يخص الشفافية والحوكمة. بالإضافة إلى ذلك، تخضع هذه الصناديق لإشراف جهات حكومية متخصصة، مما يضمن سلامة الإجراءات وحماية الحقوق. كما تتيح هذه الصناديق آلية فعالة لتنويع الاستثمارات بطريقة تضمن الاستفادة القصوى من الوقف، بما يعود بالنفع على الوقف والواقف والجهة المستفيدة على حد سواء.

ونحن إذ نستقبل شهر البر والإحسان، فإننا لا نحتاج إلى تذكير بأن خير الناس أنفعهم للناس، وأن كل معروف صدقة، وأنه يمكننا أن نتقي النار ولو بشق تمرة. إنها تعليمات نبوية سامية تحثنا على فعل الخير والسعي الدؤوب إليه والمساهمة فيه بكل ما أوتينا من قوة.

فالقاعدة المتينة التي قامت عليها أغلب المؤسسات المدنية في تاريخ الحضارة الإسلامية استندت بشكل أساسي إلى الوقف. فكلما ازداد العمل الخيري وتعددت مصادره وتكاثرت مؤسساته، تعزز الاستقرار الاجتماعي، وتهيأت فرص الإبداع والابتكار، وتوطدت دعائم السلم الأهلي، وتقَوَّت شبكة العلاقات التعاونية بين أفراد المجتمع. فالوقف هو بذرة الخير التي تنمو وتزدهر لتثمر مجتمعًا متكافلًا ومتراحمًا.

لقد شهد تاريخ الحضارة الإسلامية بناء العديد من المستشفيات من أموال الوقف، والتي كانت مخصصة لرعاية المقعدين والعجزة، وتوفير الغذاء للأمهات الفقيرات، وخاصة المرضعات. إنها صور مشرقة من العطاء والتكافل التي تعكس جوهر الحضارة الإسلامية.

إنها فرصة سانحة لأثرياء الوطن والميسورين فيه للمساهمة الفعالة بمبادراتهم الإنسانية النبيلة تجاه مجتمعهم، وأن يكون لهم دور بارز في دعم العمل الخيري. فليس هناك أشد وطأة من المرض وآلامه وعذاباته. فالتخفيف عن المرضى ومساعدتهم هو من أعظم القربات وأجل الأعمال.

إن وريف وغيرها من الصناديق الوقفية تمثل فرصة حقيقية لإحياء سنة الأوقاف وفق مقاصدها الشرعية السامية، وتعزيز أثرها العظيم على رفاهية الفرد والمجتمع. ولعل الوقف هو طريقة إسلامية فريدة تقضي على تكدس الثروات في أيدي قلة قليلة، وتمنع استئثارهم بها، وتساهم في توزيعها بشكل عادل ومنصف. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تهمل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان...".

فما ينفقه الإنسان في حياته الدنيا يجده مدخرًا له يوم القيامة، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. فلا يبقى مع الإنسان إلا ما أوقفه في حياته من أعمال الخير والبر. فليس هناك أصدق وأنفع من وقف دائم لا ينقطع. ولعل مرض الإنسان وحاجته الماسة للعلاج هو من أنفع الأوقاف وأكثرها استدامة، فهو بحكم العادة لا ينقرض. فالمرض دائم والعلاج أمل متجدد.

نهنئ وريف والقائمين عليها بهذا الفوز المستحق ونبتهل إلى المولى عز وجل أن يوفق المقتدرين على إحياء هذه السنة المباركة، وأن يجعلها في موازين حسناتهم.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة